الإطار العام لفن الكتابة للأطفال
"شمعة صغيرة في طريق جديد طويل" أحمد نجيب
(1) لمَن نكتب؟
أول ما يجب أن يعرفه
الكاتب: هو جمهوره الذي يكتب له؛ لأن كتابته -في مادتها وطريقتها وشكلها ومضمونها-
تتوقف على نوع هذا الجمهور وخصائصه.
وعلى هذا فيجب أن
نحيط علمًا بطبائع الأطفال الذين نكتب لهم، وأن نكون على وعي كامل بمراحل نموهم.
ومن البديهي أن
الأطفال في عمر معين، يتفاوتون في مستوياتهم العلمية واللغوية، حتى ولو كانوا
أبناء فرقة دراسية واحدة.
ولكن كاتب الأطفال يتخذ
من المستوى العام معيارًا له.
وكما يتفاوت جمهور
أدب الأطفال في المستويات السيكولوجية والعلمية واللغوية، فكذلك يتفاوت في
المستويات البيئة والاقتصادية والاجتماعية والحضارية.
وكاتب الأطفال يجب
أن يكون على وعي كامل بمثل هذه الاختلافات إذا قصد يعمله أن يوجِّه إلى بيئة خاصة،
أو جمهور من لون معين، أو مستوى خاص.
كما أنه يجب أن
يراعي الشمول والنظرة الواسعة الرحيبة إذا قصد بعمله أن ينتشر على نطاق واسع يضم
مجموعات من جماهير الأطفال تتباين في ظروفها وتختلف في مستوياتها وتقاليدها
وخبراتها.
(ب) ماذا نكتب؟
تختلف
مجالات الكتابة للأطفال، وتتباين إلى درجة كبيرة، وتتخذ أشكالًا عديدة:
1.
القصص: وتتفاوت في طولها وفق الاعتبارات الفنية والتربوية، وتختلف
في أنواعها، فمن الفكاهية والخيالية وقصص الأساطير والخرافات، إلى التاريخية
والجغرافية والعلمية وقصص المغامرات والأبطال وحياة المشاهير والعظماء والعلماء
والمخترعين، ومن قصص الحيوانات الناطقة والقصص العالمية المبسطة، إلى غير هذا وذاك
من أنواع القصص التي يزخر بها عالم الأطفال.
2.
المسرحيات: وقد تكون تعليمية أو أخلاقية أو تثقيفية أو قومية أو فكاهية
ترفيهية، وما إلى ذلك وفق الهدف الذي ترمي إلى تحقيقه.
من
زاوية الممثلين تنقسم المسرحيات إلى أنواع منها:
.
مسرحيات يقوم بأداء الأدوار فيها: الأطفال أنفسهم.
.
مسرحيات يقوم بأداء الأدوار فيها: الكبار.
.
مسرحيات العرائس، أو الدمى بأنواعها.
3.
الشعر: من ناحية الشكل يخرج الشعر إلى عالم الأطفال في صورة الأغنية
أو النشيد، والأوبريت والاستعراض الغنائي، والمسرحية الشعرية.
أما
من ناحية المضمون: فهو مجال واسع.
4.
البرامج الإذاعية والتلفزيونية: بعض القنوات
الفضائية الموجهة للأطفال تقوم بجهد جيد في هذا المجال.
5.
البرامج المسجلة: المقصود التسجيل
الصوتي.
تقلَّص
الاهتمام بهذه البرامج -الإذاعية والتلفزيونية والبرامج المسجلة- بشكل كبير في
الفترة الأخيرة، وظهرت بدائل أخرى: مثل المنصات والتطبيقات والمواقع الإلكترونية،
وكل
نوع منها له خصائص في كتابته وإعداده.
6.
المواد الصحفية: إلى عهد قريب كانت صحافة الطفل الوسيط الأنسب لنقل الأدب
إلى الأطفال. لكن واقع مجلات الأطفال الورقية في انحدار مع توقف أكثر المطبوعات الورقية،
وحتى المجلات الإلكترونية باتت مهددة بالتوقف.
7.
الأفلام السينمائية: أغلب الموجود في
الساحة هي أفلام أجنبية مترجمة أو مدبلجة، ولم تأخذ صناعة الأفلام السينمائية
الموجهة للأطفال الاهتمام اللازم.
(ج) كيف نكتب؟
مهما
كان الشكل الذي يتخذه أدب الأطفال سبيلًا للوصول إلى قراءه، فإن الكتابة للأطفال
يجب أن تخضع لثلاث مجموعات من الاعتبارات الرئيسية:
1)
الاعتبارات
التربوية والنفسية: أول ما يجب أن يكون
في الاعتبار أن الكتابة للأطفال نوع من التربية على جانب كبير من الفعالية والتأثير،
وأن كاتب الأطفال هو بالدرجة الأولى مربٍّ قبل أن يكون مؤلف قصة أو رجل مسرح.
والاعتبارات
التربوية يجب أن تحتل مكان الصدارة في أي عملية موازنة بين الاعتبارات، بحيث لا
يمكن التضحية بها –ولو بصورة جزئية أو مؤقتة- في سبيل تحقيق حبكة قصصية ممتازة.
وكاتب الأطفال الناجح يجب أن يعرف كيف يصل إليها في إطار قواعد التربية السليمة،
وفي ضوء أصول علم نفس الأطفال.
ومن
المهم ألا ننظر للاعتبارات التربوية على أنها عوامل معوِّقة تحد من حرية الكاتب في
الانطلاق، لأن العلم بها يمثِّل القاعدة الأساسية الأولى التي لا غنى عنها لتشييد
صرح أدب أطفال ناجح سليم.
2)
الاعتبارات
الأدبية: وهي القواعد الأساسية في فن الكتابة بصفة عامة.
وكاتب
الأطفال –شأنه في هذا شأن أي كاتب آخر- لا تغنيه الموهبة عن الدراسة، ولا تحل
معرفته بأصول التربية وعلم النفس محل علمه بالأصول الفنية لكتابة القصة أو المسرحية
أو سيناريو الفيلم السينمائي. فقصص الأطفال أيضًا تحتاج إلى فكرة وإلى رسم
للشخصيات، مع تشويق وحبكة وبناء سليم.
ومن
البديهي أن كل هذه الاعتبارات الأدبية يجب أن تتفق مع مستوى الأطفال الذين نكتب
بهم، ودرجة نموهم الأدبي ومدى ما وصول إليه من النضج الفني.
3)
الاعتبارات الفنية التقنية المتعلقة بنوع الوسيط:
والوسيط الذي ينقل أدب الأطفال إليهم قد يكون كتابًا أو مسرحًا أو وسيلة من وسائل
الإعلام، أو اسطوانة أو فيلمًا سينمائيًا أو جريدة يومية أو مجلة أسبوعية أو شيئًا
آخر.. مثل المنصات والتطبيقات والمواقع الإلكترونية.
ولكل
وسيط منها ظروفه المعينة، وإمكاناته الخاصة، التي يجب أن يراعيها الكاتب.
وكاتب
الأطفال يجب أن يكون على وعي كامل بالاعتبارات الفنية الخاصة التي تميِّز كل وسيط.
ومعرفة
الكاتب بخصائص الوسيطة ومقوماته تهدف أساسًا إلى:
أ.
الإفادة من هذه الخصائص إلى أقصى حد ممكن؛ للارتفاع بمستوى العمل المقدَّم.
ب.الالتزام
بقيود العمل وحدوده في مجال هذا الوسيط حتى يتجنب الهبوط بمستوى عمله الفني.
ملاحظة أساسية
قواعد
العلوم والإبداع الفني
عندما
نتحدَّث عن "الاعتبارات الرئيسية التي تراعي عند الكتابة للأطفال"
بأقسامها الثلاثة، فإننا نتحدث عن (قواعد ونظريات علمية) يمكن لمن يعرفها أن يكون
(دارسًا) أو (ناقدًا) في هذا المجال، ولكنها لا تجعل منه بالضرورة مؤلفًا قصصيًّا
أو مسرحيًّا أو شاعرًا أو خطاطًا.. أو مبدعًا في أي فن، ذلك لأن (الإبداع الفني)
يختلف عن (القواعد والنظريات العلمية) وهو يحتاج إلى مواهب وقدرات خاصة يمكن
للقواعد العلمية أن تصقلها، وتساعد على تنميتها، ولكنها لا يمكن أن تُوجدها من
العدم.
وعلى
هذا: فإذا كنا نقول: "إن الموهبة لا تغني عن الدراسة" فمن الحق أيضًا أن
نقول: "إن الدراسة لا تغني عن الموهبة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق